سورة الأنعام - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)}
{فَوْقَ عِبَادِهِ} تصوير للقهر والعلوّ بالغلبة والقدرة، كقوله: {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهرون} [الأعراف: 127] الشيء أعم العام لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، فيقع على القديم والجرم والعرض والمحال والمستقيم. ولذلك صحّ أن يقال في الله عزّ وجلّ: شيء لا كالأشياء، كأنك قلت: معلوم لا كسائر المعلومات، ولا يصح: جسم لا كالأجسام.


{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19)}
وأراد: أي شهيد {أَكْبَرُ شهادة} فوضع شيئاً مقام شهيد ليبالغ في التعميم {قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ} يحتمل أن يكون تمام الجواب عند قوله: {قُلِ الله} بمعنى الله أكبر شهادة، ثم ابتدئ {شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ} أي هو شهيد بيني وبينكم، وأن يكون {الله شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ} هو الجواب، لدلالته على أنّ الله عزّ وجلّ إذا كان هو الشهيد بينه وبينهم، فأكبر شيء شهادة شهيد له {وَمَن بَلَغَ} عطف على ضمير المخاطبين من أهل مكة. أي: لأنذركم به وأنذر كل من بلغه القرآن من العرب والعجم. وقيل: من الثقلين. وقيل: من بلغه إلى يوم القيامة.
وعن سعيد بن جبير: من بلغه القرآن فكأنما رأى محمداً صلى الله عليه وسلم {أئنكم لتشهدون} تقرير لهم مع إنكار واستبعاد {قُل لاَّ أَشْهَدُ} شهادتكم.


{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)}
{الذين ءاتيناهم الكتاب} يعني اليهود والنصارى يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليته ونعته الثابت في الكتابين معرفة خالصة {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ} بحلاهم ونعوتهم لا يخفون عليهم ولا يلتبسون بغيرهم. وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب به وبصحة نبوّته. ثم قال: {الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} من المشركين من أهل الكتاب الجاحدين {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} به، جمعوا بين أمرين متناقضين، فكذبوا على الله بما لا حجة عليه، وكذبوا بما ثبت بالحجة البينة، والبرهان الصحيح، حيث قالوا: {لَوْ شَاء الله مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ءَابَاؤُنَا} [الأنعام: 148] وقالوا: {والله أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 28] وقالوا: {الملائكة بَنَاتُ الله} و{هَؤُلاء شفعاؤنا عِندَ الله} [يونس: 18] ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب، وذهبوا فكذبوا القرآن والمعجزات، وسموها سحراً، ولم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8